الثلاثاء، 25 مارس 2014

ِتشخيص الأمراض القديمة فى مجال المومياوات

نشرت من طرف : Unknown  |  في  10:05 م

ِتشخيص الأمراض القديمة فى مجال المومياوات

صفاء أحمد – باحثة فى ترميم الاثار
 

أمنت الظروف البيئية فى مصر الحفاظ على ثروة من الأدلة من العصور القديمة والتى توفر معلومات حول الأمراض والعناية الطبية قديما ومن هذه المصادر المقابر والمعابد والسجلات المكتوبة ومع ذلك فبالاضافة الى المصادر الأدبية فان مصر تقدم فرصة لا مثيل لها لدراسة الأمراض القديمة وذلك من خلال الكم الهائل من المومياوات والبقايا الانسانية .(1)
عندما تعرض المومياوات المصرية فى المتاحف المختلفة حول العالم فانها تحظى بشعبية كبيرة وتمثل عامل جذب كبير للجمهور ومن ناحية أخرى فان العلماء فى المجال الطبى يأملون أن تخبرنا هذه المحنطات بالأمراض التى أصيب بها هذا الانسان المحنط فى حياته وماهية الأدلة التى تفيد فى التعرف على تطور وتقدم الأمراض القديمة وهل هذه المومياوات كانت تعانى من الأمراض الحالية التى تؤرقنا مثل البدانة وانسداد الشرايين وتسوس الأسنان وغيرها من الأمراض الحالية .
وفى السنوات الأخيرة عرف العلماء معلومات قيمة من تلك المومياوات التى وجدت ليس فقط فى وادى النيل بل فى كوريا الجنوبية وشيلى .
** الطرق المستخدمة فى فحص المومياوات للكشف عن الأمراض :-
يعتبر اختراع أشعة "اكس X Ray" فى نهاية القرن التاسع عشر الخطوة الاولى للكشف عن الامراض ونافذة فتحت أمام العلماء ومكنتهم من البحث فى عظام المومياوات تحت اللفائف التى تغطيها ، وبدأت هذه الأشعة تقدم لنا معلومات حول سن المومياء وجنسها وتاريخ الاصابات التى تعرضت لها وكشفت عن العظام والتهاب المفاصل .
أما الخطوة الثانية فكانت ظهور الأشعة المقطعية CT فى فترة السبعينات من القرن الفائت مما أتاح الفحص بالأبعاد الثلاثية للأنسجة الرخوة وللعظام وهو ما أتاح للباحثين أن يكتشفو كيف أن المومياوات المصرية كانت مصابة بتصلب الشرايين ، فقد أظهرت صور هذه الأشعة وجود اللويحات المتكلسة داخل الشرايين .
ومع ذلك فالعلماء أرادوا معرفة المزيد فقد أظهرت أيضا هذه الأشعة التلف فى العظام والذى يوحى بوجود مرض ما ولكن لم يتح للعلماء معرفة كيف قتل هذا المرض الشخص .
وكان ظهور تحليل الأنسجة والحمض النووى DNA  بمثابة ثورة حقيقية فى ميدان علم دراسة المومياوات ، وكان استخدام أدوات دقيقة مثل المنظار الداخلى Endoscope  وهو عبارة عن أنبوب معقم مجهز بكاميرا صغيرة ، وبفضل ذلك تمكن العلماء من الحصول على النسيج الحقيقى للمومياء ، ومن ثم اتساع المعرفة والمعلومات حول المومياوات ، لان مجرد العينات الصغيرة من النسيج تثمر بمعلومات هامة ، ومثال ذلك عندما قام " مارفن أليسون " الاختصاصى فى المعمل الطبيعى بجامعة فرجينيا كومونولث بفحص 3000 مومياء وأكتشف أدلة قديمة عن أمراض تصاب بها حتى اليوم ، وبناء على دراساته حول مومياوات شيلى وبيرو استنتج أن " سرطان الثدى " كان مرضا شائعا بين النساء منذ 3000 سنة .
وأحدث التطورات التكنولوجية هو PCR  أو " البوليميريز " أو سلسلة التفاعلات والتى تطورت فى التسعينات والتى تقدم بتحليلات الحمض النووى الى مستويات متقدمة أخرى ، فقد أتاح للعلماء معرفة الميكروبات والانظمة الحية التى تعيش فى الأمعاء والرئتين أو أى أجزاء أخرى من الجسم ، وكذلك الجراثيم الخاصة بالملاريا والبرص والتهاب الكبد وكذلك بكتيريا " هليوباكتر بيلورى " التى تسبب القرحات والتى لا تزال نشيطة حتى يومنا هذا وقد وجد كل ذلك فى المومياوات ولما كانت الميكروبات تتطورباستمرار السنين فيمكن أن تصبح أكثر فتكا ومن خلال دراسة الفيروسات التى تبلغ 500 عام من العغمر ، يحاول العلماء دراستها للعثور على أدلة تمكنهم من مقاومة هذه الفيروسات .(2)
** الأمراض التى اكتشفت فى المومياوات :-
1-  أمراض القلب :
من أقدم الحالات التى عثر عليها مصابة بأمراض القلب أميرة مصرية تسمى "أحمس مريت أمون" حيث اكتشفت من خلال الفحص حدوث انسداد بشرايين القلب ، وهذه ليست الحالة الوحيدة فقد فحصت 44 مومياء أخرى وجد أن قرابة نصفها مصاب بتصلب الشرايين وهذا التصلب يحدث عندما تتراكم المواد الدهنية ثم تتصلب فى نهاية المطاف وتكون لويحات والتى تقوم بدورها بسد الشرايين مما يؤدى لحدوث الأزمات القلبية واذا تقطعت هذه اللويحات الى أجزاء صغيرة وتقدمت الى الأوعية الدموية الصغيرة فانها تؤدى للاصابة بالأزمة القلبية أو السكتة الدماغية أو انسداد الشرايين فى الرئة ( الانسداد الرئوى ) ولقد وجدالباحثون أن تصلب الشرايين كان منتشر بمعدل عالى فى مصر القديمة وكذلك التهاب عضلة القلب .
2-  أمراض الرئة :
تم الكشف عن أول حالة بارزة مصابة  بأمراض الرئة لأول مرة عام 1970 لمومياء عمرها 3800سنة لشخص يدعى " نخت- عنخ " والذى عاش لمدة 60 عاما وكانت رئتيه سيئتان جدا وربما كان يعانى صعوبات فى التنفس ومن خلال فحصها وجد أن بها جسيمات دقيقة من الملوثات الجوية والتى وجدت أنها نتجت عن حرق الوقود .
3-  مرض الجدرى :
وهو مرض فيروسى يعتقد أنه ينتقل من المواشى الداجنة وأكثر الاصابات شهرة بتلك المرض هو مومياء " رمسيس الخامس " .
4-  مرض السل :
اتضح من الدراسات انتشار هذا المرض بصورة كبيرة فى العصور القديمة والتى اتضح من خلال استخدام تحاليل Specific DNA  و Lipid biomarker analysis أن مرض السل معقد الحمض النووى تم العثور عليه فى أنسجة الرئة وعينات المراراة وكانت الرئة وعظام الفخذ ايجابية للسل بالتحديد ، ويعتقد أن هذا المرض السبب الرئيسى لوفاة صاحبة المومياء التى تسمى " أرتيرسنيو " من جبانة طيبة .
5-  أمراض العظام :
ومنها مرض شلل الأطفال الذى يشتبه فى وجود اصابات به فى مصر القديمة وكذلك مرض التهاب المفاصل الذى ينتج من كبر السن أو الضغوط ، أما كسور العظام مثل كسور الكعبرة والزند فتقترب من نسبة 50% فى السكان .
كما وجدت حالات اصابة بسرطان العظام وذلك فى مومياء ترجع للعصر البطلمى .(4)
6-  الأورام :
هناك القليل من الأدلة للاصابة بالأورام ربما لأن فترة الحياة كانت قصيرة . (5)
وترتبط أمراض الأورام بأنماط الحياة الحديثة والعوامل البيئية مثل التلوث لذلك فهى تكثر فى الأزمان التى تتطور فيها الصناعة وعلى ذلك فانه ليس من المستغرب أن أكثر أنواع الاورام من النسبة القليلة الشائعة قديما هى أورام الجلد لأنها أكثر المناطق تعرضا للبيئة وظروفها مثل الأشعة الفوق بنفسجية ومن الأورام الجلدية التى تم التعرف عليها فى المومياوات الورم الشحمى والبثرات البسيطة وورم المنسجات الجلدى .
وبالنسبة للأورام الداخلية فمنها الأورام الحميدة فى العضلات الملساء فى الرحم وورم غدى ليفى فى الثدى ( سرطان الثدى ) وسرطان القولون والمستقيم وذلك فى مومياء تعود للقرن الرابع عشر .
7-  الأمراض الطفيلية :
وهى أمراض تنتقل من العائل وغالبا ما تكون معقدة ومكونة من مزيج من الأنواع الطفيلية المختلفة ، ودراسة هذه النوعية من الأمراض ليس فقط لاظهار حجم الالام البشرية ولكن أيضا لتسليط الضوء على الظروف المعيشية والتاريخ الثقافى للأشخاص المصابين كما يمكن أن تساعد على توضيح تاريخ طبيعة هذه الأمراض وتطورها والطفيليات نفسها ويذكر أن الطفيليات نفسها وبويضاتها قد يتم تحنيطها مع المومياء .
*** ومن الأمراض الطفيلية مايلى :-
أ‌-     مرض الملاريا :
تم عمل فحص للعديد من المومياوات المصرية وأظهرت نتائج ايجابية للاصابة بالملاريا حيث وجدت 7 مومياوات من أصل 18 تحمل الاصابة بهذا المرض .
ب‌-    مرض البلهارسيا :
تم تشخيص هذا المرض فى المومياوات المصرية بواسطة Ruffer  وهذا المرض يسبب تكلس المثانة وتلك ما ظهر واضح فى المومياوات المصابة  .
ت‌-    مرض شاغاس :
هو مرض متوطن منذ ملايين السنين وقد عثر على اصابات به فى مومياوات منذ 9000 سنة وهو مرض بشرى ذو أصل حيوانى وعثر على مومياء مصابة من حضارة الأنكا حيث وجد تضخم القولون وتليف عضلة القلب فى المومياء .

للمزيد تابعونا من 
للدورات المجانية اشترك في القناة

 

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

back to top