الثلاثاء، 25 مارس 2014

العلاقات بين مصر و مملكة يهوذا خلال الألف الأول قبل الميلاد ( الجزء الثاني : العلاقات خلال العصر المتأخر " الأسرة 25 " )

نشرت من طرف : Unknown  |  في  8:38 م

العلاقات بين مصر و مملكة يهوذا خلال الألف الأول قبل الميلاد
( الجزء الثاني : العلاقات خلال العصر المتأخر " الأسرة 25 " )
بقلم : شاهندة محمد أحمد فايز , ثانية دبلوم تاريخ الفن
تبدأ الأسرة 25 في رأى كتشن بعهد جدها الأكبر ألارا أى حوالى عام 780 ق.م , في حين يبدؤها آخرون ( جريمال مثلا ) بالملك بي , أى من عام 747 ق.م , و كلا الطرفين يختلفان عما ذهب إليه مانيتون الذي يبدأ عصر الأسرة بالملك سباكون ( شباكو ) و ينهيه باملك تاركوس ( طهرقا ) , و هكذا يتضمن العصر ثلاثة ملوك حكموا من عام 716 إلى عام 774 ق.م ([1]) . و لقد كانت الأوضاع خلال عهود هؤلاء الملوك الثلاثة أكثر استقرارا ([2]) , فمصر و النوبة كانتا موحدتين تحت صولجان واحد , و تدير شئونهما إدارة مركزية واحدة , استقرت في العاصمة القديمة منف ([3])  . و تعد الأسرة 25 هى بادئة العصر المتأخر بما تمثله من صراعات خارجية مع الإمبراطورية الآشورية و عصر الإحياء الحضاري و النهضة فيما عرف بإسم العصر الصاوي ([4]) . و لقد شهدت العلاقات المصرية الآسيوية خلال العصر المتأخر تحولات واضحة , و بدأت الأحوال في آسيا تتغير , و بدأت مصر في مساعدة الدويلات الآسيوية السورية منها و الفلسطينية , لتكون بمثابة مخلب قط , لمنازلة العدو المشترك لكل منهما ألا و هو آشور ([5]) , و لقد كانت الأحوال بالنسبة للأطراف الثلاثة في هذه الفترة كالتالي :
·               و لقد شهد النصف الثاني من القرن الثامن ق.م بزوغ ما يعرف بإسم ( الإمبراطورية الآشورية الثانية ) و التي في ظلها صارت آشور أعظم قوة عسكرية في منطقة جنوب غرب آسيا لاسيما في عهود ملوكها " سرجون الثاني و سنخريب و أسرحدون و آشور بانيبال " , و في عهد هذا الأخير وصلت الإمبراطورية الآشورية أوج اتساعها ([6]) .
·               أما في فلسطين , فلقد اقتسمت السيادة في الداخل مملكتا ( يهودا في الجنوب و إسرائيل في الشمال ) , و إن كانت الثانية لم تعمر طويلا إذ سرعان ما قضى عليها العاهل الآشوري سرجون الثاني عام 721 ق.م , بينما ظلت الأولى تتأرجح بين النفوذ المصري تارة و السيطرة الآشورية ثم الكلدانية تارات أخرى , أما على الساحل , فقد كانت هناك المدن التي كانت قد خضعت لعناصر البلست و كان من بينهما مدينة أشدود ([7]) .
·               و لقد كان يحكم مصر في هذه الفترة الملك " نفر كارع – مرى آمون (شباكا ) " ( 712 – 698 ق.م ) .
و في عام 712 ق.م و بعد أن دانت لآشور معظم بلاد الشام , أرسل سرجون الثاني تورتان قائد جيشه على رأس قوة لإخضاع مدينة أشدود التي كان أميرها يماني قد أعلن عصيانه , و تمكن القائد الآشوري من اقتحام استحكامات المدينة و الإستيلاء عليها , فهرب يماني تاركا زوجته و أبنائه و لجأ إلى مصر ([8]) .و لقد رأى شباكا عدم قدرته على مواجهة جيوش آشور , فقام برد يماني حاكم أشدود إلى الحاكم الآشوري " سرجون الثاني " لإثبات حسن نيته , و لتدعيم العلاقات الودية مع آشور فزاد على ذلك مبادلة الهدايا , و لقد وصفت المصادر الآشورية ذلك .و لقد تم تدعيم ذلك بما عثر عليه من أختام صلصالية في منطقة كيون جيك بإسم شاباكا , كانت مستعملة بالبداهة لختم رسالة من الملك الكوشي إلى الحاكم الآشوري آنذاك . و كل ذلك سمح لأعوان كل ملك منهما في الإسراف في الإشادة بملكهم , حيث :
·               صور أتباع شاباكا ملكهم يقبض على نواصي آسيويين و يتلقي جزاهم .
·               في حين فسر أتباع سرجون تلك الهدايا من شاباكا على أنه إدراك منه بقوة و بأس معبوداته " آشور و نابو و مردوك و غضب سرجون نفسه " ([9]) .
أما عن العلاقات خلال عهد الملك شبتاكا ; و الذي أصبح متدخلا في سياسات سوريا و فلسطين ([10]) , حيث أنه منذ الحروب الخاصة بشاشانق الأول , فإن مصر تقريبا حافظت على قربها بشكل كبير من السياسات الخاصة " بسوريا – فلسطين " , و التي كانت تحت السيطرة المتزايدة من قبل آشور , إلى الشرق . و الآن فإن آشورر تحت حكم سنحريب ( 704 – 690 ) قد بدأت تشد قوتها فيما يخص ثورات التمرد ضدها في الشرق ([11]) . و لذلك ففي عهد " دد – كاو – رع ( شبتاكا ) " ( شبتكو) ابن بيعنخي ( 702 – 690 ق.م ) قام بإستدعاء اخوته من النوبة , بما فيهم أخوه البالغ 20 عاما المدعو " طاهرقا " (تيرهاقا ملك اثيوبيا في الكتاب المقدس ) إلى مصر , حيث تركت مصر سياسة اللامبالاه الخارجية , حيث لم يكتف شبتاكا بدور المحرض للثورة ضد النفوذ الآشوري على فلسطين و سوريا ; و صور الفينيقية خلال تلك المرحلة تحت قيادة خليفة سرجون الثاني و ولده سنحريب ([12]) . و لقد بدأ الجيش الآشوري في غزو فلسطين في عام 701 ق.م , بعد أن قضى سنحريب على الثورات في آشور , و قد ذكرت هذه الحملة تفصيليا في كلا من " الحوليات الآشورية و العهد القديم " ([13])  . و لقد حرص شبتاكا على تدخله و مساعدة ممالك بلاد الشام , لا حبا فيها , و لكن لإتخاذهامواقع أمامية لوقف التوسع الآشوري , فما إن انتهى عهد سرجون الثاني حتى انفجرت الثورة في بلاد الشام , و امتنعت ممالك " عسقلان و عفرون و لاخيش و لبنة و صور و صيدا " عن دفع الجزية لآشور . كما تحالف " مردوخ بلادان " ملك بابل مع " حزقيال " ملك يهوذا الذي كان يأمل في أن تستعيد مملكته وضعها المؤثر كما كانت أيان عزريا , فحاول أن يمد سيطرته على المقاطعات الآشورية , فتطلع إلى عون مصر و طلب منها التدخل في شئون فلسطين لتدعيم الثائرين على النير الآشوري , فانتهزت مصر الفرصة و حاولت استعادة نفوذها في فلسطين , و من ثم تجددت العداوة الكامنة بين القوتين ( مصر و آشور ) في عهد الملك سناحريب ([14]) . و لقد قام شبتاكا بإرسال أخيه طاهرقا على رأس حملة عسكرية لمحاربة آشور في فلسطين , كما تدخل " مردوخ بلادان " ملك بابل في تلك الأحداث بتحالفه مع يهوذا ضد الوجود الآشوري بالمكان كما ذكرنا سالفا , و بالتحالف مع آخرين في حلف ضم فينيقيا و فلسطين و مؤاب و ادوم و عمون و يهوذا و بعض القبائل البدوية و مصر . و قد أنذر الآشوريين مملكة يهوذا و ملكها حزقيا بعدم الإعتماد على الفرعون ملك مصر لأنه كان ضعيفا ([15])  .  و عندما سمع سنحريب أن الجيش المصري كان يتقدم نحو الشمال , فظن في الحال إلى أنه ليس من الحكمة أن يترك حصنا قويا مثل أورشليم وراءه , و لذلك أرسل فرقة من جيشه إليها ([16]) , و من يافا سار بالجيش الآشوري جنوبا في تحرك مباشر ضد الجيش المصري الذي أتى لمساندة الثائرين ([17]) . و التحم عند التكة ( خريطة 1 ) ( و يحتمل أنها " خرابة المقنع " الحالية )  مع الجيش المصري الأثيوبي الذي كان يقوده طاهرقا في المعركة و عمل على وقف تقدم طاهرقا ([18]) . و انتهت أحداث معركة التكة ( و التي ربما أيضا تكون تل الشلف حوالي 10 أميال شرق أشدود الحالية ) بهزيمة قاسية للجيش على يد ملك آشور سناحريب , و بحصار حزقيا و بيت المقدس   المقدس في القدس و إن لم يقع في يد آشور ([19]) . و بعد أن استبعدت القوة المصرية استولى سنحريب على ( التكة و تمنة و عفرون ) و عاقب المدينة الأخيرة على تمردها , ثم تحول جزء من الحملة الآشورية إلى مملكة يهوذا كما سبق الذكر ([20]) . و كما هى العادة , فقد اختلفت الروايات حول نهاية حملة سنحريب , مما يجعلنا نعتقد بوجود أكثر من حملة , و كانت الروايات كالتالي :
·               ادعت النصوص الآشورية الإنتصار المؤزر على أورشليم و حلفاؤها . و روت أن حزقيال اضطر تحت وطأة الحصار و ما أصاب النجدة المصرية و انقضاض اتباعه من حوله إلى دفع الجزية مضاعفة إلى " نينوى " معها وفد من بناته و حظاياه و موسيقيه .
·               أما عن نصوص العهد القديم , فتروي أن الجيش الآشوري حل به الموت الإلهي , حيث حام ملك " يهوه " فوقه ليلا و في بكرة الصباح أصبحوا جثثا هامدة , فارتد الملك الآشوري مدحورا بخزى الوجه إلى أرضه بعد أن أصبح جيشه كالعاصفة في مهب الريح ([21])  .
-                إذا فلقد اضطرت آشور إلى سحب جيوشها عائدة إلى العراق لظروف خاصة ربما بسبب الطاعون ([22])  ( و الذي لابد و أن يكون هو الطاعون الدملى و هو نفس المرض الذي أصاب جيش نابليون في هذا الإقليم عام 1799 م ) ([23]) , الذي انتشر في معسكره كمعجزة إلهية مرتبطة بقدرة بتاح ([24]) ( حيث تحدث هيرودوت عن المصريين و اعتماد ملكهم على بتاح , و كيف أنه في عشية الموقعة سرت أسراب هائلة من الجرذان في معسكر الآشوريين , فمزقت الجعاب و قرضت أوتاد القسى و سيور الدروع , فأصبحوا بلا عدة يعتد بها , و تفرقوا مغلوبين على أمرهم من أهون المخلوقات ) ([25])  .
-                أو مثلما أرجعتها التوراه كما أوردنا سالفا إلى حدث جعل آشور تتقهقر إلى نينوى في ارتباط بقوة " يهوه " .
-                أو في ارتباط بأحداث داخلية في نينوى و إن لحق بها شئ من الدمار ([26]) .
و لقد كان هناك رأى أخير قام بالتوفيق بين ( رواية التوراه و هيرودوت ) بأن الجرذان هى التي افشت وباء الطاعون بين الآشوريين فأهلك خلقا كثيرا منهم و أوهن الآخرين مما أجبر معه الجيش الآشوري على الإنسحاب ([27]) .
و لقد انتهز الجيش المصري الفرصة و عاد منسحبا إلى مصر , و أنقذ الجيش المصري بأعجوبة , و لم يحقق طاهرقا أهدافه من وراء مثل هذا النشاط العسكري ([28]) .
إن اختلاف الروايات حول نهاية حملة سنحريب كما سبق الذكر يجعلنا نعتقد بوجود حملتين , كما يرى جمهرة المؤرخين , كالآتي :
1.            الحملة الأولى : استولى سناحريب على العديد من مدن فلسطين و استعصت عليه أورشليم , فقنع منها بدفع الجزية بعد أن انهزمت القوات المصرية في التكة و عاد إلى آشور ; لإخضاع بابل و عيلام .
2.            الحملة الثانية : و في ذلك الوقت قامت الثورة في فلسطين و حركها " طهراقا " ملك مصر و أشعلها حزقيال , فسار سناحريب إلى فلسطين مرة أخرى و دمر " لاخيش " و غيرها من مدن فلسطين , و فكر في الزحف إلى مصر , و هنا كان الإنقاذ الأسطوري لمدينة أورشليم و مصر أيضا , فعاد سناحريب إلى آشور حيث قتل و تولى ابنه أسرحدون في عام 681 ق.م ([29]) .
أما عن العلاقات خلال عهد الملك طهراقا ; فلقد بلغ التداعي في علاقات مصر و آشور درجة لافتة للنظر أثناء حكم طهراقا لمصر ( 690 – 664 ق.م ) , و في فترة تولي أسرحدون أمور الحكم في آشور ([30])  . و لقد قادت مصر حركة تمرد دويلات المدن الآسيوية في فلسطين و صور خاصة ضد النفوذ الآشوري مما استلزم ضرورة مهاجمة مصر ذاتها ([31]) ( شكل 1 ) , فقام الملك الآشوري أسرحدون بتجهيز كل امكانياته لغزو مصر باعتبارها آخر مناطق الشرق الأدنى القديم بعدا عن نفوذه و أملا في القضاء على ما تبقى لها من قدرة على المنافسة الحربية و طمعا في ثرائها و ليقطع معونتها عن خلفائها في فلسطين و سورية ([32])  . و تبعا لذلك قامت أكثر من حملة , وصلت فيها القوات الآشورية إلى مصر و سيطرت على منف , و كانت كالآتي :
1.            الحملة الأولى : حيث قام أسرحدون بقيادة جيش عرمرم عام 677 ق.م أو ربما عام 674 ق.م لوضع حد لتداخلات مصر في دويلات المدن الآسيوية  , و مساندتها و تأليبها ضد الوجود الآشوري ; للقضاء على رأس الحية مصر التي كانت وراء كل حركات التمرد و العصيان ضد النفوذ الآشوري في بلاد الشام , و لقى أسرحدون هزيمة نكراء بعد معركة دموية كما روت المصادر البابلية ([33]) .
2.            الحملة الثانية : كانت الهزيمة السابقة دافعا لآشور لمعاودة الكرة لإستعادة هيبتها و وئدا لحركات التمرد و العصيان من قبل دويلات المدن الشامية عن سلطتها , و استغلالا لحالة الإرتخاء العسكري التي لحقت بجيوش طهرقا بعد انتصاره , و الذي أسكره انتصاره الذي خلده على قاعدة تمثال له أمر بإقامته في الكرنك , في حين كان الملك الآشوري يعد العدة لغزو مصر ثانية ([34])  . و اندفعت جيوش أوسرحدون عام 671 ق.م إلى سوريا , و ألحقت عقابا قاسيا بملك صور على انضمامه لمصر . كما تمكن من التغلب على مشكلة نقص المياه أثناء عبوره صحراء شبه جزيرة سيناء بعد قيام بدو الصحراء بدور الأدلاء له من جهة , و من إمداده بما يكفيه من الماء على ظهور الجمال , و تمكنه من الوصول من بعد عبر وادي الطميلات إلى منف ذاتها و محاصرته لها , ثم الإستيلاء على ثرواتها و خاضعا الدلتا لسلطانه , و إن كان ذلك لفترة زمنية قليلة ([35]) . و من الجلي أن طاهرقا قد تمكن من الهرب إلى الجنوب ([36]) تاركا ورائه زوجته و أولاده و بناته أسرى في يد الآشوريين ([37]) , و هذا ما ذكرته الحوليات البابلية . و هكذا ترك عرش مصر خاويا و تعين على أسرحدون أن ينظم إدارتها ([38]) . و تفاخر أسرحدون فيما سطره عن هذه الحملة , بأنه استأصل شأفة الكوشيين و قضى على سلالتهم , و بالمثل حاكم صور في المصادر الآشورية . و لقد صور رجال أسرحدون طهرقا جاثيا أمام ملكهم مخزوما من أنفه بحبل يرجو عفوه على نصب أقاموها في أنحاء دولته , بالرغم من أن طهرقا لم يقع في قبضة الآشوريين , و لم يهادنهم أبدا ([39])  .
3.             الحملة الثالثة : و لقد غادر أسرحدون مصر على عجل , ربما بسبب مرض مفاجئ , بعد أن خضعت و لأول مرة في تاريخها السياسي المجيد ([40]) , أنه بعد كل ذلك ذهب و لم يترك وراءه حامية كبيرة . و ذلك شجع طاهرقا على تحريض حكام الأقاليم في مصر على التمرد ضد النفوذ الآشوري ([41]) . و بعد فترة قليلة لم تتعد الثلاث سنوات , تمكن من استرداد سيطرته على مصر صعيدها و دلتاها , و أخضع الأمراء و الحكام الذي عينهم غريمه ([42]) , كما أنه تمكن من هزيمة الحامية الأشورية في منف , و قيامه بعزل من رضوا بولاية " آشور أخادين " , مما استدعى أوسرحدون أن يعيد كرة الحرب ثانية على مصر في عامه ال12 ( 669 ق.م ) , و إن لم يمهله القدر لتحقيق ذلك , حيث وافته المنية في الطريق عند حران ([43]) . و كانت وفاته بمثابة هبة من السماء للملك طاهرقا , فراح يثبت أركان حكمه في الدلتا , و لربما ظن أن الأمور قد دانت له أخيرا , و لكن العاهل الآشوري الجديد لم يمهله و أثبت أنه من نفس معدن أبيه , إن لم يكن أشد صلابة , و ما إن أخمد الفتنة التي اشتعلت في نينوى اثر وفاة أبيهحتى وجه همه نحو مصر , فزحف عليها عام 667 ق.م ([44]) . و لم يكتف خلال تلك المعركة بالسيطرة على الدلتا فقط , كنتيجة تالية لهزيمة الجيش المصري القديم بل أرسل قوات أجنبية إلى عمق صعيد مصر في طيبة ذاتها الذي هرب إليها طاهرقا مما اضطره إلى الهروب منها إلى نباتا في النوبة العليا و ظل بها حتى وفاته ([45]) . و مع عودة الجيش الآشوري و ارتخاء السيطرة على حكام الدلتا , بدأت الإتصالات السياسية لحكام الدلتا خاصة من قبل نخاو أمير سايس و ثلاثة من الأمراء الآخرين مع طهرقا للعودة لحكم مصر و مشاركتهم في طرد العدو و اقتسام السلطة , و لكن المؤامرة انكشفت و قبض على رؤووسها و تم إعدامهم جميعا ما عدا نخاو أمير سايس و إبنه ابسماتيك الذي عاد إلى مصر ليحكم بإسم آشور , و منحت له إمارة اتريب , و تم إعدام آخرين في سايس و البلوزيوم ( الفرما ) و أماكن أخرى ردعا لمن تسول له نفسه التمرد على الحكم الآشوري ([46]) .  و بعد كل هذه الأحداث دب اليأس في قلب طهرقا و أدرك أنه لا أمل في استعادة عرشه بمصر , فراح يدبر أموره في كوش . و لقد ذكر البعض أنه أشرك معه في الحكم ابن أخته تانوت أماني , اعتمادا على ظهور إسميهما معا على جدران مقصورة صغيرة في الكرنك , و أن البعض يرى أن هذا ليس دليلا كافيا لإثبات اشتراكهما في الحكم ([47]) .
أما في عهد تانوت أماني ; حمل تانوت آمون راية الجهاد ([48]) , و قاد حملة العصيان ضد الحكم الآشوري على مصر . و تعكس لوحة الحلم المؤرخة من عامه الأول ( حاليا في المتحف المصري رقم 48863 ) التي عثر عليها في جبل برقل و عليها الرؤيا التي وعد فيها تانوت أماني بحكم مصر بعد طرده للغزاه من وادي النيل ([49]) . و في عام 664 ق.م , استطاع الصعود على عرش كوش , و في الحال طالب بحكم مصر , و سار شمالا , و بشكل نشط تم الترحيب به في طيبة و أسوان ([50]) , و تقدم من بعد شمالا إلى منف غازيا الدلتا و متصادما مع أمرائها الموالين للآشوريين و ألحق بهم الهزيمة , و استولى على منف و قام بقتل نخاو أمير سايس الموالي للآشوريين ([51])  . و لكن يبدو أن ابسماتيك ابن نكاو و حاكم اتريب لم يعترف لتانوت آمون  بالملك , و إنما فر لاجئا إلى آشور ([52]) . و لقد قام آشور باني بال بالإنتقام عام ( 664 – 663 ق.م ) ([53]) , حيث أرسل حملة تأديبية إلى مصر ([54])  . و لقد سقطت طيبة للمرة الثانية , بعد فرار تانوت آماني إلى طيبة و من بعدها إلى نباتا حيث بقى هناك حتى وفاته , تحت سيطرتهم بالرغم من مقاومة أهلها العنيدة و شجاعة حاكمها منتومحات حوالى 659 ق.م , و ذاق أهلها مرارة الأسر و ألحق بمعابدها النهب و التخريب ([55]) . و بخروج تانوت آماني من مصر انتهت فترة حكم الأسرة ال25 , بما تميزت به من صراعات خارجية ضد آشور سواء بمواجهة مباشرة بمساندة دويلات المدن السورية و الفلسطينية من جهة , أو بتحمل تبعات المواجهة العسكرية المباشرة مع الجيوش الآشورية ذاتها ([56]) .



للمزيد تابعونا من 
للدورات المجانية اشترك في القناة



[1] ) جاب الله ( جاب الله على ) , تاريخ مصر القديم " عصر الانتقال الثالث " , القاهرة 1997 , ص 66 .
[2] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 66 .
[3] ) نفس المرجع , ص 66 .
[4] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , التاريخ السياسي و الحضاري لمصر الفرعونية , القاهرة 2008 , ص 150 .
[5] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , المرجع السابق , ص 150 .
[6] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 70 .
[7] ) نفس المرجع , ص 70 .
[8] ) نفس المرجع , ص 70 .
[9] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , القاهرة 2012 , ص 40 .
[10] ) Dodson ( Aidan ) and Hilton ( Dyan ) , The Complete Royal Families Of Ancient Egypt , Egypt 200 , p.234 .  
 Dodson ( Aidan ) , Monarchs Of The Nile , Cairo 2000 , p . 182 .( [11]  
[12] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 40 .
[13] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , مصر و فلسطين فيما بين القرنين الحادي عشر و الثامن ق.م , القاهرة 2003 , ص 212 –   213 .
[14] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , مصر و فلسطين فيما بين القرنين الحادي عشر و الثامن ق.م , ص 211 – 212 .
[15] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 41 .
[16] ) حسن ( سليم ) , مصر القديمة , الجزء التاسع " نهاية الأسرة الواحدة و العشرين و حكم دولة اللوبيين لمصر حتى بداية العهد الأثيوبي و لمحة في تاريخ العبرانيين " , القاهرة 1994 , ص 527 – 528 .
[17] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , المرجع السابق , ص 213 .
[18] ) حسن ( سليم ) , المرجع السابق , ص 528 .
[19] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 41 .
[20] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , المرجع السابق , ص 213 – 214 .
[21] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , المرجع السابق , ص 215 .
[22] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 41 .
[23] ) حسن ( سليم ) , المرجع السابق , ص 528 .
[24] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 41 .
[25] ) نفس المرجع , ص 41 .
[26] ) نفس المرجع , ص 43 .
[27] ) نفس المرجع , ص 41 .
[28] ) نفس المرجع , ص 41 .
[29] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , المرجع السابق , ص 216 – 219 .
[30] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 43 .
[31] ) نفس المرجع , ص 43 .
[32] ) دراز ( أحمد محمد عبد الحليم ) , المرجع السابق , ص219 .
[33] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 44 .
[34] ) نفس المرجع , ص 44 .
[35] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , التاريخ السياسي و الحضاري لمصر الفرعونية , ص 157 – 158 .
[36] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 78 .
[37] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , التاريخ السياسي و الحضاري لمصر الفرعونية , ص 158 .
[38] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 78 .
[39] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , التاريخ السياسي و الحضاري لمصر الفرعونية , ص 158 – 159 .
[40] ) نفس المرجع , ص 159 .
[41] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 46 – 47 .
[42] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 78 .
[43] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 46 – 47 .
[44] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 80 .
[45] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , التاريخ السياسي و الحضاري لمصر الفرعونية , ص 159 .
[46] ) نفس المرجع , ص 161 .
[47] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 49 .
[48] ) توفيق ( سيد ) , معالم تاريخ مصر الفرعونية , القاهرة 1990 , ص 395 .
[49] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 49 – 50 .
[50]) Shaw ( Lan ) And Nicholson ( Paul ) , The British Museum Dictionary Of Ancient Egypt , Cairo 2002 , p.41 .
([51] شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , تاريخ مصر الفرعونية في الألف الأول ق.م الى 332 ق.م , ص 50 .
[52] ) جاب الله ( جاب الله على ) , المرجع السابق , ص 83 .
[53]) Shaw ( Lan ) And Nicholson ( Paul ) , Op.Cit , p.41 .   
[54] ) شاهين ( علاء الدين عبد المحسن ) , التاريخ السياسي و الحضاري لمصر الفرعونية , ص 162 .
[55] ) نفس المرجع , ص 162 .
[56] ) نفس المرجع , ص 163 . 

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

back to top